اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 262
فرعون، يريد: كفر اليهود. ككفر من قبلهم، قاله ابن قتيبة. وقال ابن الأنباري: و «الكاف» في «كدأب» متعلقة بفعل مضمر، كأنه قال: كفرت اليهود ككفر آل فرعون. والثاني: أنه الاجتهاد، فمعناه: أن دأب هؤلاء وهو اجتهادهم في كفرهم، وتظاهرهم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كتظاهر آل فرعون على موسى عليه السلام، قاله الزّجّاج.
[سورة آل عمران (3) : آية 12]
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12)
قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ بالتاء ويَرَوْنَهُمْ بالياء، وقرأ نافع ثلاثتهن بالتاء! وقرأهن حمزة، والكسائي بالياء. وفي سبب نزولها ثلاثة أقوال:
(154) أحدها: أن يهود المدينة لما رأوا وقعة بدر، همّوا بالإِسلام، وقالوا: هذا هو النبي الذي نجده في كتابنا، لا ترد له راية، ثم قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتى تنظروا له وقعة أخرى، فلما كانت أُحد، شكّوا، وقالوا: ما هو به، ونقضوا عهدا كان بينهم وبين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكباً إلى أهل مكة، فقالوا: تكون كلمتنا واحدة، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح، عن ابن عباس.
(155) والثاني: أنها نزلت في قريش قبل وقعة بدر، فحقق الله وعده يوم بدر، روي عن ابن عباس، والضحاك.
(156) والثالث: أن أبا سفيان في جماعة ن قريش، جمعوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد وقعة بدر، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السّائب.
[سورة آل عمران (3) : آية 13]
قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (13)
قوله تعالى: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا في المخاطبين بهذا ثلاثة أقوال [1] : أحدها:
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» 191 قال الكلبي قال أبو صالح قال ابن عباس. وهذا الإسناد ساقط، الكلبي متروك متهم، وأبو صالح متروك في روايته عن ابن عباس. وورد من وجه آخر، أخرجه الطبري 6663 وفيه محمد بن أبي محمد، وهو مجهول. وورد من مرسل قتادة، أخرجه الطبري 6664، وورد من مرسل عكرمة، أخرجه الطبري 6667. فهذه الروايات تتأيد بمجموعها.
ذكره الماوردي في «تفسيره» عن ابن عباس والضحاك بدون إسناد. فهذا الخبر لا شيء لخلوه عن الإسناد.
- والقول المتقدم هو الصواب، فإن الآية الآتية تدل على أن ذلك كان بعد بدر.
لا أصل له. عزاه المصنف لابن السائب، وهو الكلبي واسمه محمد، وهو متروك متهم بالكذب، فهذا الأثر لا شيء. والقول الأول هو الصواب، والله أعلم. [1] قال ابن كثير رحمه الله 1/ 350: يقول الله تعالى: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ أي قد كان لكم أيها اليهود القائلون ما قلتم آية أي دلالة على أن الله معزّ دينه، وناصر رسوله، ومظهر كلمته، ومعدل أمره.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 262